بنات تحت العشرين ونظرتهن إلى الحياة
تتغير في هذه المرحلة من العمر نظرة الفتيات إلى الحياة، حيث يبدو لهن أن هناك أشياء جديدة جميلة وممتعة في الحياة تستحق السعي من أجل بلوغها.
وقد يعتبرون حاضرهن شيئاً تافهاً، ويتطلعن بفارغ الصبر إلى المستقبل .. أنهن يعشن حالة من القلق والاضطراب ويتطلعن إلى الحب والأمان وإلى التعبير عن حالاته .
وفي الجانب الفكري تميل الفتيات في بداية سن المراهقة إلى الأخذ بالقضايا التجريبية أكثر من ميلهن إلى المسائل النظرية المجردة. وبشكل عام فإنهن يركزن في ملاحظاتهن على الجوانب المادية التي تحيط بهنّ.
كما ويسعين في هذا المجال إلى إعادة النظر في أفكارهن وسلوكهن، وقد يؤدي ذلك إلى أن يرفضن جميع ما كنّ قد تعلمنه وربين عليه في مرحلة الطفولة.
إن حياة الفتيات خلال سنين المراهقة تتغير وتتنوع باستمرار ففي الوقت الذي يلتزمن فيه بمجموعة من التصورات والاعتقادات ويجعلنها منهاجاً لهن في الحياة، قد يبادرن في ذات الوقت إلى القيام بأفعال وتصرفات تتنافى واعتقاداتهن .
إن حياتهن تبدو حالمة وخيالية وسطحية في الوهلة الأولى لكنها عميقة وحقيقية وجديرة بالبحث والمناقشة في واقع الحال
أجل فإن السائد في عالم الفتيات المراهقات، من سلوك وتصرفات وأفكار قد لا يكون مورد رضى وتأييد مت أولياء الأمور لكنه على أية حال هو ما يردنه ويهتمن به في حياتهن.
تغيرات السلوك:
إن التفاعلات النفسية خلال فترة المراهقة تنعكس في آثارها على سلوك الشخصية في الخارج، فتبدو عليها تغييرات في المزاج وفي التصرف مع الآخرين، وقد تبلغ هذه التغيرات من الشدة أحياناً درجة يضيق بها أولياء الأمور ذرعاً.
إلا انه لابد من الاعتراف بأن الإناث يختلفن في هذا المجال عن الذكور حيث أنهن أكثر تأدباً ووقاراً في سلوكهن من الذكور.
ولأن المراهق أو المراهقة يعاني في هذه الأثناء من حالة الاكتئاب والتبدل في المزاج، لذا فإن المحيطين به من الأصدقاء والزملاء يتصورون أنه شخص حاد الطباع ويحمل روحاً عدائية تجاه الآخرين؛ وفي الوقت ذاته يذهب والديه إلى الاعتقاد بأنه شخص خجول وميّال إلى الانزواء والوحدة.
ففي هذه الفترة تتبدل طبائع المراهق أو المراهقة وتتغير معها معايير الحب والكراهية لديه.
فمن كان يحبه ويرغب في معاشرته إلى ما قبل هذه الحالة قد يزهد به الآن ولا يطيق وجوده بالقرب منه، ومن كان ينفر منه ويضيق به ذرعاً قبل ذلك، قد ينجذب إليه ويهتم بمصاحبته الآن.
كل ذلك دون أن يعني أن لديه مبررات معقولة ومنطقية لمواقفه الجديدة وإن كان هو يتصوّر أن لديه مثل هذه المبررات.
الاعتداد بالنفس:
إن مرحلة المراهقة هي فترة حب الذات، وتبلغ هذه الحالة من الشدة لدى البعض درجة يعجز عن التخلص منها. وهي إيجابية في أحد جوانبها لكونها تساهم في تنمية حس الاعتداد بالنفس والاعتماد على الذات، وتعد عاملاً من عوامل صيانة الفرد من الانحراف.
وفي الوقت ذاته فإن حالات التمرد على أولياء الأمور والتصرفات المنافية للأعراف الاجتماعية، التي نلاحظ نماذج منها لدى بعض الفتيات، ترجع في أسبابها إلى نفس العامل، أي حب الذات.
وعلى أثر ذلك نجد إن استدلالاته بشأن آرائه ووجهات نظره تأتي على شكل أوامر... ويعتز بها اعتزاز العالم بأول اكتشافاته.
ومن جهة أخرى يلاحظ إن الإناث أسرع نمواً من الذكور في الجوانب العاطفية.
القلق الفكري:
تعيش الفتاة خلال فترة المراهقة حالة من القلق والاضطراب الفكري التي تنعكس آثارها على مواقفها وسلوكها. فإنها تقرر اليوم شيئاً وتعتقد به ويتغير موقفها منه غداً فترفضه وتدبر عنه.
وتارة تتصرف كالأطفال، وأخرى تحاكي الكبار وحيناً تقلد الذكور في تصرفاتها، وفي حين آخر تحاول الظهور بمظهر الكبار وفي حين آخر تحاول الظهور بمظهر المرأة الناضجة.
وبحسب تعبير رانك: أنها تعيش حالة من التيه والحيرة. لا تعرف ما يجب أن تكون، رجلاً أم امرأة صغيراً أم كبيراً .
إن النمو العاطفي يعرضها إلى نوع من الاهتزاز النفسي الذي قد يؤدي في بعض الحالات حتى إلى أن تقوم حياتها على أساس من الشك أو أنه ما يقول كوتشكوف: قد نوصي الأبناء أحياناً بأن يكونوا على النحو الكذائي لكنهم لايطيعون وحجتهم إنهم عاجزون عن ضبط سلوكهم.
إن حالة القلق والاضطراب لدى أفراد هذه الفئة تشكل جميع جوانب حياتهم، ولا يعرفون ما يجب أن يفعلونه أيواصلون تحصيلهم الدراسي مثلا أم ينقطعون عنه، يقبلون مشاريع الزواج أم يرفضون؟
يطيعون أوامر وتوجيهات الوالدين أم يتمردون عليها؟
وهكذا تمتد هذه الحالة لتشمل حتى مجالات العبادة والجرم والانحراف و..
حالة الاضطراب:
يعاني المراهق أو المراهقة من نوع من الاضطراب النفسي ويرى الأطباء النفسانيون بأن المراهق غالباً ما يكون مضطرب وغير مستقر على حال معين ويسعى دائماً بهذا الاتجاه وذاك لعله يجد سبيلاً يوصله إلى ساحل النجاة وسط أمواج الاضطراب التي تحيط به من كل جانب.
القول بأن حياة الإنسان فيها مد وجزر ينطبق بشكل كامل على المراهق أو المراهقة، حيث يمر خلال هذه الفترة بحالات مد وجزر مختلفة من الناحية النفسية فتارة يكون هادئاً وأخرى ثائراً وفي وقت نجده مبسوطاً وفي آخر غاضباً متوتراً وهكذا..
إن هذه الحالة تشمل جميع الجوانب النفسية للشخصية وهي سريعة التبدّل بطبيعتها. فخلال لحظة واحدة يمكن أن تنقشع غيوم الهم والغم من أفق مزاجها ليحل محلها الفرح والانبساط.
يقول هاروكس في كتابه علم نفس المراهق إن المراهق يتغير من الناحية العضوية، ولكنه غير ناضج من الناحية العاطفية وذو تجربة إيجابية في أحد جوانبها لكونها تساهم في تنمية حس الاعتداد بالنفس والاعتماد على الذات.و وتابع للوسط البيئي ثقافياً يريد كل شيء لكنه لا يعرف ما يريد يتصور أنه يعلن كل شيء، يحسب أنه يملك كل شيء.
وهو لا يملك شيئاً في الواقع، فلا هو يستفيد من امتيازات الأطفال ولا هو يستثمر مزايا الكبار يعيش في حلم وخيال بينما هو يتعامل مع الواقع أنه مغيب واع ونائم صاح
إنه بحاجة إلى توجيه من الخارج كي يهتدي، وإلى جليس ورفيق كي يخرجه من وحدته ولا شك في أن لأفكار وآراء الأصدقاء أثر بالغ على المراهق، لكن المشكلة هي أنه يقضي أكثر أوقاته لوحده ويميل إلى الاستغراق في أفكاره بعيداً عن الآخرين.
لا داعي للقلق.. إنها حالة عابرة
إن كنت تمرين بمثل هذه الحالة لا داعي للقلق فإن ما ذكرناه عن الوضع النفسي للمراهق أو المراهقة هو حالة عابرة وزائلة ويندر أن تستمر لفترة زمنية طويلة وتنتهي في الغالب في بحر سنة أو سنتين وأقصى ما يمكن أن تستمر هي أنها تنتهي مع نهاية فترة المراهقة