حدثني
بعضهم أن أحدهم قال: "إن الأدب الإسلامي جنس أدبي له شكله الخاص، فما
الشكل الذي يعنيه هذا القائل الذي رفض إيضاحه لأنه يحتاج إلى شرح طويل؟
إن إلقاء الشبه وإثارتها دون إيضاح مما يخالف الأسلوب العلمي والتعليمي السليم. على أي حال قد لا يعنينا هذا على الأقل الآن.
وإنما الذي يعنينا هو مبلغ صدق هذا القول أو عدم صدقه، ويتضح بالإجابة على هذا السؤال وهو: هل للأدب الإسلامي شكل خاص؟
إن
الأدب الإسلامي جزء من الأدب العربي؛ بل إنه هو ما يخرج منه عن إطار
المفاهيم الإسلامية وهو أقله، وهذا ما أراه وإن خالفني في هذا بعض إخواننا،
وهذه مسألة أوضحت شأنها في هذا المقام.
ولا
يعني هذا إسقاط صالح أدب إخواننا من غير العرب، لأن صالح أدبهم إسلامي
مضمونا لا لغة، وشكلا لكون لغة الإسلام واحدة هي اللغة العربية، لغة كتاب
الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
أما
لغات إخواننا من غير العرب فلغات شعوب إسلامية، وليست لغات إسلامية. هذا
ما أراه. من هنا فإن الشكل الذي يصاغ به الأدب الإسلامي هو ذلك الذي يصاغ
به الأدب العربي بوجه عام.
لذا
فإن مما لا يقبل في الأدب الإسلامي صوغه بالعامية وما أشبهها من هذه
الأساليب التي تخرجه من إطار رسالته الإسلامية والإنسانية بعامة، كهذه
الرمزية المعماة، ومنها غير المعقول "اللامعقول"، وكذلك السريالية
والبرناسية، ونحوها مما لا يقبله صحيح الأدب العربي، ومن باب أولى الأدب
الإسلامي منه.
أما
ما عدا ذلك مما لا تنكره لغة العرب وأساليبهم في القول، ولم يشتمل على ما
يعارض المفاهيم الإسلامية فلا حرج على الأديب المسلم فيه، بل ليس له بد من
الأخذ به لكونه وسيلته في مقاصده وطرق تعبيره.
وكل
الأجناس الأدبية: من خطبة، ومقالة، وقصيدة، وملحمة، وقصة قصيرة وطويلة،
ورواية، ومسرحية، ورسالة، كل هذه وسواها صالحة لأن تكون وسيلة تعبير في
الأدب الإسلامي، للأديب طرقها كما لغيره، وكلها صالحة لأن يصاغ بها الأدب
الإسلامي.
إن
الأدب الإسلامي إبداع إنساني، لا يختلف عن غيره من الإبداعات الإنسانية،
إلا في كونه نظيفا سامي المقاصد والغايات مترفعا عن الإسفاف في شكله
ومضمونه، فهو مفتوح لكل لفظ عربي شريف، وكل معنى شريف، وما يزعمه بعض دعاة
الأدب الإسلامي من جواز دخول اللفظ العامي والأعجمي لغته فغير صحيح؛ لكون
ذلك منافيا لصحة لغته التي هي جزء مهم من شكله، بل هي الأساس والقالب له
وهي الركن الثاني بعد المضمون في إبداع سليم.